Wednesday, July 12, 2006

معركة الرئاسة *


إذا كانت الحكومة شكلت وانتهى الجدل حولها مرحليا، فإن معركة كبرى تنتظر الحكومة والبرلمان اليوم في الجلسة
الأولى للبرلمان الجديد المنتخب، وهي معركة رئاسة البرلمان التي سيدخلها الرئيس السابق جاسم الخرافي للمرة الأولى وهو غير متأكد من نتائجها، على الرغم من ضمانه أصوات الحكومة كاملة (16 صوتاً) بالإضافة إلى 8 أصوات من كتلة المستقلين (الموالية للحكومة) وصوت ابن شقيقته النائب مرزوق الغانم، لكنه مازال يحتاج إلى 8 أصوات عل الأقل، ليضمن النجاح ضد منافسه الشرس زعيم المعارضة النائب أحمد السعدون الذي يضمن بدوره أصوات التكتل الشعبي الذي يتزعمه (8 أصوات)، بالإضافة إلى أصوات الليبراليين والمنتمين إلى الكتلة الإصلاحية (8 أصوات)، وأصوات الإسلاميين المستقلين والسلف (13 صوتا)، وتبقى أصوات أعضاء الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان المسلمون)، وهم 5 أصوات، القادرة على ترجيح كفة أي منهما

وبدأ الخرافي الذي يدرك هذه المرة صعوبة المواجهة مبكرا الاستعداد لمعركة الرئاسة، وحاول كسب أصوات جميع التيارات، وخصوصا المعارضة، وحاول استرضاء الإخوان المسلمين في دعوة عشاء أقامتها جمعية الإصلاح الاجتماعي بمناسبة فوز الإسلاميين، وطلب منهم دعمه في انتخابات رئاسة مجلس الأمة مقابل دعمه مرشحهم الدكتور محمد البصيري لمنصب نائب الرئيس. وحاول الخرافي اختراق كتلة المعارضة لتشتيت أصواتها، بدفع أحد المحسوبين على الليبراليين للترشح، مثل النائب صالح الفضالة، إلا أن الأخير رفض وأعلن تأييده للسعدون، وحاول مع بقية الأصوات التي لم تحدد مواقفها، وخصوصاً نواب القبائل

على الجانب الآخر، لم تعلن لحكومة صراحة عن تأييدها لأي من الطرفين، وحاولت المعارضة على لسان نواب، منهم مسلم البراك وضيف الله بو رمية وفيصل المسلم، دفع الحكومة إلى الوقوف على الحياد، وترك حسمها للنواب المنتخبين، وطالبوها بعدم التصويت نهائيا وتقديم ورقة بيضاء باسم الحكومة، كما فعل من قبل الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد عندما كان رئيسا للوزراء، أو ترك أعضائها يصوتون كل حسب اختياره وعدم فرض أي من الاسمين عليهم، لكن الحكومة ردت بأنها سوف تصوت للخيار الذي ترى فيه مصلحة البلاد

ويرى مراقبون أن الحكومة قد تضحي بالخرافي من أجل استرضاء المعارضة وضمان عدم الاصطدام المبكر بينهما الآن، لأن النائب أحمد السعدون قادر على كبح المعارضة وعدم شططها، حيث اصطدامها المباشر مع الحكومة يعني العودة إلى المربع واحد، والدخول في متاهات وأزمات سياسية جديدة، ويقول هؤلاء: “إن الحكومة تحب الخرافي وتريده، لكنها لن تقدمه على مصالحها، وإذا كانت ضحت بالشيخ أحمد الفهد فيمكنها التضحية بالخرافي”


ويرى فريق آخر أن الحكومة لا يمكن أن تضحي بالخرافي، لأن ذلك يعني سيطرة المعارضة فعليا على عصب الحياة السياسية، بما يمكنها من توجيه دفة السياسة الحكومية في الجهة التي تريدها، وهي لا تريد هذا الخيار، كما لا تريد الظهور بمظهر الخاسر أمام كتلة المعارضة

وقد أعلن الناطق الرسمي باسم الإخوان المسلمين محمد الدلال أن نواب “الإخوان” لن يصوتوا للخرافي، لكنه أكد أنهم لم يحسموا خيارهم بعد، واستبعد اختيار مبدأ الحياد، وقال إن التصويت للسعدون أقرب الاحتمالات. واستغرب الكاتب محمد عبدالقادر الجاسم موقف الإخوان المتردد، وقال: “جاءت تشكيلة الحكومة الجديدة لتدعم بقاء الخرافي، وكانت هناك أسماء أفضل بكثير من التي تم توزيرها، لكنهم كانوا يميلون إلى التصويت للسعدون فتم استبعادهم”، وطالب الإخوان بحسم خيارهم، وقال: “الإخوان لا يريدون أن يحسب نجاح الخرافي أو سقوطه عليهم، وكانوا سيعلنون تأييدهم للسعدون إذا تأكدوا أن أصواتهم لن تفيده، ولكن لأن أصواتهم هي الحاسمة الآن نجد هذا الموقف المتردد الذي لا مبرر له